تأتي أهمِّيَّة الكواكبيّ وأهمِّيَّة كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد من أجل أنْ نتعلَّم من الماضي كي لا نُلدغ من الجحر مرَّتَيْن، ويأتي نَشْر الطّبائع استكمالاً لدراسة أفكاره التي بدأت في أمِّ القُرى.
ويقول : تمحَّصَ عندي أنَّ أصل الدّاء هُو الاستبداد السّياسيُّ ودواؤه دَفْعُهُ بالشُّورى الدُّسْتُوريَّة. ويقول : (ويُراد بالاستبداد عند إطلاقه استبداد الحُكُومات خاصَّة؛ لأنَّها أعظم مظاهر أضراره).ويقول: إنَّ خوف المُستبدِّ من نقمة رعيَّته أكثر من بأسه؛ لأنَّ خوفه ينشأ عن علْمه بما يستحقُّه منهم، وخوفهم ناشئ عن جهل؛ وخوفه عن عجز حقيقيٍّ، وخوفهم عن توهُّم التّخاذل فقط؛ وخوفه على فَقْد حياته وسُلطانه، وخوفهم على لُقيمات من النّبات وعلى وطن يألفون غيره في أيَّام، وخوفه على كُلِّ شيء، تحت سماء مُلكه، وخوفهم على حياة تعيسة فقط.