بغضّ النظر عن اعتقادنا الخاصّ بقيمة ما دعا إليه غلام أحمد، فهو – بلا شك – كان مؤمناً بما يقول أشد الإيمان. وعلينا أن ندرك، مهما كان موقفنا منه، أنه لم يدعُ لما يضرّ الإنسان، ولا ما يضرّ المجتمع، بل سار على هَدْي الأديان كلها في المحبّة والتسامح والإيمان بالخالق، والتمسّك بالإسلام الذي يعدّه دينه الحنيف.
وتقوم فكرة غلام أحمد الدينية على عدم انقطاع الوحي، واستمرار وراثة الأنبياء، وأنها وصلت إليه باختيار ربّاني، وأنه مُكلّف من الله لإصلاح العالم، والدعوة إلى الإسلام. وهذا ما يأخذه المسلمون عليه، ويعدّونه خروجاً عن معتقداتهم، تمّ اختيار هذا الكتاب من كُتُب غلام أحمد العديدة، لما فيه من معالجة لأساس وجود الجماعة، ومحاولته الإجابة عن السؤال الفصل: هل حقيقة كان يُوحى لغلام أحمد كما يؤمن أتباعه؟ أم أنها تهيّوءات وافتراءات، كما يقول معارضوه؟ كما أنه من أكثر كُتُبه توضيحاً لحقيقة مشاعره، حيث يسرد فيه ويستطرد ويترك نفسه على هواها؛ ليُثبت أن ما يقوله هو وحي حقيقي من الله. كما يتجلّى غلام أحمد في هذا الكتاب بضعفه وقوّته، وبتميّز شخصيته، وقدرته العجيبة وإصراره على المجادلة والمناقشة رغم مرضه.